عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بالتصغير بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي القرشي السهمي أمير مصر يكنى أبا عبد الله وأبا محمد أمه النابغة من بني عنزة بفتح المهملة والنون أسلم قبل الفتح في صفر سنة ثمان وقيل بين الحديبية وخيبر وكان يقول أذكر الليلة التي ولد فيها عمر بن الخطاب وقال ذاخر المعافري رأيت عمرا على المنبر أدعج أبلج قصير القامة وذكر الزبير بن بكار والواقدي بسندين لهما أن إسلامه كان على يد النجاشي وهو بأرض الحبشة وذكر الزبير بن بكار ان رجلا قال لعمرو ما أبطأ بك عن الإسلام وأنت أنت في عقلك قال إنا كنا مع قوم لهم علينا تقدم وكانوا ممن يواري حلومهم الخبال فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم فأنكروا عليه فلذنا بهم فلما ذهبوا وصار الأمر إلينا نظرنا وتدبرنا فإذا حق بين فوقع في قلبي الإسلام فعرفت قريش ذلك مني من إبطائي عما كنت أسرع فيه من عونهم عليه فبعثوا إلى فتى منهم فناظرني في ذلك فقلت أنشدك الله ربك ورب من قبلك ومن بعدك أنحن أهدى أم فارس والروم قال نحن أهدى قلت فنحن أوسع عيشا أم هم قال هم قلت فما ينفعنا فضلنا عليهم إن لم يكن لنا فضل إلا في الدنيا وهم أعظم منا فيها أمرا في كل شيء وقد وقع في نفسي أن الذي يقوله محمد من أن البعث بعد الموت ليجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته حق ولا خير في التمادي في الباطل وأخرج البغوي بسند جيد عن عمر بن إسحاق أحد التابعين قال استأذن جعفر بن أبي طالب رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوجه إلى الحبشة فأذن له قال عمير فحدثني عمرو بن العاص قال لما رأيت مكانه قلت والله لأستقلن لهذا ولأصحابه فذكر قصتهم مع النجاشي قال فلقيت جعفرا خاليا فأسلمت قال وبلغ ذلك أصحابي فغنموني وسلبوني كل شيء فذهبت إلى جعفر فذهب معي إلى النجاشي فردوا علي كل شيء أخذوه ولما أسلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يقربه ويدنيه لمعرفته وشجاعته وولاه غزاة ذات السلاسل وأمده بأبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح ثم استعمله على عمان فمات وهو أميرها ثم كان من أمراء الأجناد في الجهاد بالشام في زمن عمر وهو الذي افتتح قنسرين وصالح أهل حلب ومنبج وأنطاكية وولاه عمر فلسطين أخرج بن أبي خيثمة من طريق الليث قال نظر عمر إلى عمرو يمشي فقال ما ينبغي لأبي عبد الله أن يمشي على الأرض إلا أميرا وقال إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن قبيصة بن جابر صحبت عمرو بن العاص فما رأيت رجلا أبين قرآنا ولا أكرم خلقا ولا أشبه سريرة بعلانية منه وقال محمد بن سلام الجمحي كان عمر إذا رأى الرجل يتلجلج في كلامه يقول أشهد أن خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد وكان الشعبي يقول دهاة العرب في الإسلام أربعة فعد منهم عمرا وقال فأما عمرو فللمعضلات وقد روى عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث روى عنه ولداه عبد الله ومحمد وقيس بن أبي حازم وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو قيس مولى عمرو وعبد الرحمن بن شماسة وأبو عثمان النهدي وقبيصة بن ذؤيب وآخرون ومن مناقبه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره كما تقدم وأخرج أحمد من حديث طلحة أحد العشرة رفعه عمرو بن العاص من صالحي قريش ورجال سنده ثقات إلا أن فيه انقطاعا بين أبي مليكة وطلحة وأخرجه البغوي وأبو يعلى من هذا الوجه وزاد نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله وأخرجه بن سعد بسند رجاله ثقات إلى بن أبي مليكة مرسلا لم يذكر طلحة وزاد يعني عبد الله بن عمرو بن العاص وأخرج أحمد بسند حسن عن عمرو بن العاص قال بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني فأتيته فقال إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة فقلت يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال بل أسلمت رغبة في الإسلام قال يا عمرو نعما بالمال الصالح المرء الصالح وأخرج أحمد والنسائي بسند حسن عن عمرو بن العاص قال فزع أهل المدينة فزعا فتفرقوا فنظرت إلى سالم مولى أبي حذيفة في المسجد عليه سيف مختفيا ففعلت مثله فخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا يكون فزعكم إلى الله ورسوله ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان وولى عمرو إمرة مصر في زمن عمر بن الخطاب وهو الذي افتتحها وأبقاه عثمان قليلا ثم عزله وولى عبد الله بن أبي سرح وكان أخا عثمان من الرضاعة فآل أمر عثمان بسبب ذلك إلى ما اشتهر ثم لم يزل عمرو بغير إمرة إلى أن كانت الفتنة بين علي ومعاوية فلحق بمعاوية فكان معه يدبر أمره في الحرب إلى أن جرى أمر الحكمين ثم سار في جيش جهزه معاوية إلى مصر فوليها لمعاوية من صفر سنة ثمان وثلاثين إلى أن مات سنة ثلاث وأربعين على الصحيح الذي جزم به بن يونس وغيره من المتقنين وقيل قبلها بسنة وقيل بعدها ثم اختلفوا فقيل بست وقيل بثمان وقيل بأكثر من ذلك قال يحيى بن بكير عاش نحو تسعين سنة وذكر بن البرقي عن يحيى بن بكير عن الليث توفي وهو بن تسعين سنة قلت قد عاش بعد عمر عشرين سنة وقال العجلي عاش تسعا وتسعين سنة وكان عمر عمر ثلاثا وستين وقد ذكروا أنه كان يقول أذكر ليلة ولد عمر بن الخطاب أخرجه البيهقي بسند منقطع فكأن عمره لما ولد عمر سبع سنين وفي صحيح مسلم من رواية عبد الرحمن بن شماسة قال فلما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى فقال له عبد الله بن عمرو ابنه ما يبكيك فذكر الحديث بطوله في قصة إسلامه وأنه كان شديد الحياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع طرفه إليه وذكرها بن عبد الحكم في فتوح مصر وزاد فيها أشياء من رواية بن لهيعة