الأول
الآخر
الظاهر
الباطن
قال الله تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن ) هذه الأسماء الأربعة المباركة قد
فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً جامعاً واضحاً فقال يخاطب ربه : ( اللهم أنت
الأول فليس قبلك شئ ، وأنت الآخر فليس بعدك شئ ، وأنت الظاهر فليس فوقك شئ ،
وأنت الباطن فليس دونك شئ ) .. الخ . ففسر كل اسم بمعناه العظيم ونفى عنه ما
يضاده وينافيه . فتدبر هذه المعاني الجليلة الدالة على تفرد الرب العظيم بالكمال المطلق
والإحاطة المطلقة الزمانية في قوله : ( الأول والآخر ) والمكانية في (الظاهر
والباطن) .فالأول يدل على أن كل ما سواه حادث كائن بعد أن لم يكن ، ويوجب للعبد
أن يلحظ فضل ربه في كل نعمة دينية أو دنيوية ، إذ السبب والمسبب منه تعالى ..
والآخر يدل على أنه هو الغاية ، والصمد الذي تصمد إليه المخلوقات بتألهها ن ورغبتها
، ورهبتها ، وجميع مطالبها ، والظاهر يدل على عظمة صفاته واضمحلال كل شئ عند
عظمته من ذوات وصفات على علوه ، والباطن يدل على إطاعته على السرائر ، والضمائر
، والخبايا ، والخفايا ، ودقائق الأشياء ، كما يدل على كمال قربه ودنوه . ولا يتنافى
الظاهر والباطن لأن الله ليس كمثله شئ في كل النعوت .
العلي
الأعلى
المتعال
قال الله تعالى ( ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم ) وقال تعالى ( سبح اسم ربك
الأعلى ) وقال تعالى ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ) وذلك دل على أن جميع
معاني العلو ثابتة لله من كل وجه ، فله علو الذات ، فإنه فوق المخلوقات ، وعلى
العرض استوى أي علا وارتفع ، وله علو القدر وهو علو صفاته وعظمتها فلا يماثله صفة
مخلوق ، بل لا يقدر الخلائق كلهم أن يحيطوا ببعض معاني صفة واحدة من صفاته ، قال
تعالى : ( ولا يحيطون به علماً ) . وبذلك يعلم أنه ليس كمثله شئ في كل نعوته ، وله
علو القهر ، فإنه الواحد القهار الذي قهر بعزته وعلوه الخلق كلهم ، فنواصيهم بيده ،
وما شاء كان لا يمانعه فيه ممانع ، وما لم يشأ لم يكن ، فلو اجتمع الخلق على إيجاد ما
لم يشأه الله لم يقدروا ، ولو اجتمعوا على منع ما حكمت به مشيئته لم يمنعوه ، وذلك
لكمال اقتداره ، ونفوذ مشيئته ، وشدة افتقار المخلوقات كلها إليه من كل وجه .
الكبير
وهو سبحانه وتعالى الموصوف بصفات المجد ، والكبرياء ، والعظمة ، والجلال ، الذي
هو أكبر من كل شئ ، وأعظم من كل شئ ، وأجل وأعلى . وله التعظيم والإجلال ، في
قلوب أوليائه وأصفيائه . قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل
لكبريائه ، قال الله تعالى ( ذلك بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا
فالحكم لله العلي الكبير ) .
السميع
قال الله تعالى : ( وكان الله سميعاً بصيراً ) . وكثيراً ما يقرن الله بين صفة السمع والبصر
فكل من السمع والبصر محيط بجميع متعلقاته الظاهرة ، والباطنة فالسميع الذي أحاط
سمعه بجميع المسموعات ، فكل ما في العالم العلوي والسفلي من الأصوات يسمعها
سرها وعلنها وكأنها لديه صوت واحد ، لا تختلط عليه الأصوات ، ولا تخفى عليه جميع
اللغات ،والقريب منها والبعيد والسر والعلانية عنده سواء ( سواء منكم من أسر القول
ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار ) ، ( وقد سمع الله قول التي
تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير) . قالت
عائشة رضي الله عنها : تبارك الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة تشتكي
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في جانب الحجرة ، وإنه ليخفى علي بعض
كلامها ، فأنزل الله : ( لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) . وسمعه نوعان :
أحدهما : سمعه لجميع الأصوات الظاهرة والباطنة الخفية والجلية ، وإحاطته التامة بها .
الثاني : سمع الإجابة منه للسائلين والداعين والعابدين فيجيبهم ويثيبهم ، ومنـــه قوله
تعالى : ( إن ربي لسميع الدعاء ) . وقول المصلي (سمع اله لمن حمده) أي استجاب .
البصير
الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرض والسماوات ، حتى أخفى ما يكون
فيها فيرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ، وجميع
أعضائها الباطنية والظاهرة وسريان القوت في أعضائها الدقيقة ، ويرى سريان المياه
في أغصان الأشجار وعروقها وجميع النباتات على اختلاف أنواعها وصغرها ودقتها ،
ويرى نياط عروق النملة والنحلة والبعوضة وأصغر من ذلك . فسبحان من تحيرت العقول
في عظمته ، وسعة متعلقات صفاته ، وكمال عظمته ، ولطفه ، وخبرته بالغيب ،
والشهادة ، والحاضر والغائب ، ويرى خيانات الأعين وتقلبات الأجفان وحركات الجنان .
قال تعالى : (الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم) ( يعلم
خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) . ( والله على كل شئ شهيد ) ، أي مطلع ومحيط علمه
وبصره وسمعه بجميع الكائنات .
واليكم المزيد باذن الله تعالى