التليفزيون والصيام
س : ما رأي الشرع الحنيف في مشاهدة التليفزيون للصائم في رمضان ؟
ج: التلفزيون وسيلة من الوسائل ، فيه خير وفيه شر ، والوسائل لها حكم المقاصد دائماً ، فالتلفزيون كالإذاعة .. وكالصحافة .. فيها ما هو طيب وما هو خبيث . وعلى المسلم أن ينتفع بالطيب ، وأن يتجنب الخبيث ، سواء كان صائماً أم غير صائم … ولكن في الصيام ، على المسلم أن يحتاط أكثر ، حتى لا يفسد صومه ، وحتى لا يذهب أجره ويحرم من مثوبة الله عز وجل .
فمشاهدة التلفزيون ، لا أقول فيها حلال مطلق ولا حرام مطلق . وإنما يتبع ذلك الشيء الذي يشاهد في هذا الجهاز : فإن كان خيراً جازت رؤيته ، وسماعه ، كبعض الأحاديث الدينية ، ونشرات الأخبار ، والبرامج الموجهة إلى الخير .. وإن كان شراً كبعض المشاهد الراقصة الخليعة ونحو ذلك ، فهذا يحرم رؤيته في كل وقت ، ويتأكد ذلك في شهر رمضان .
وبعض المشاهد تكره رؤيتها وإن لم تصل إلى درجة الحرمة ، وكل وسيلة من الوسائل تصد عن ذكر الله فهي حرام ..
فإذا كانت مشاهدة التلفزيون ، أو سماع الراديو وغير ذلك ، يلهي عن واجب أوجبه الله على عباده كالصلاة .. ففي هذه الحالة يحرم … يحرم الاشتغال عن الصلاة بأي شيء … فالله سبحانه وتعالى حينما علل تحريم الخمر والميسر ، جعل من هذه العلة ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ؟ ) المائدة : 91 .
وعلى المسئولين عن برامج التلفزيون ، أن يتقوا الله فيما ينبغي أن يقدم للجمهور دائماً ، وفي رمضان خاصة ، رعاية لحرمة الشهر المبارك ، وإعانة للناس على طاعة الله ، والاستزادة من الخيرات ، حتى لا يحملوا إثم أنفسهم ، وإثم المشاهدين معهم ، كالذين قال الله فيهم : ( ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ، ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ، ألا ساء ما يزرون ) النحل:25.
إلى الفهرس
الإسراع في صلاة التراويح
س: ما حكم الإسراع في صلاة التراويح ؟
ج : ثبت في الصحيحين عن رسو ل الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ) . فالله سبحانه وتعالى شرع في رمضان في نهاره الصيام ، وشرع عل لسان رسوله في ليله القيام ، وجعل هذا القيام سبباً للتطهر من الذنوب والخطايا .. ولكن القيام الذي تغفر به الذنوب ، وتغسل فيه الأدناس ، هو الذي يؤديه المسلم كاملا بشروطه وأركانه وآدابه وحدوده . وقد علمنا أن الطمأنينة ركن من أركان الصلاة كقراءة الفاتحة ، وكالركوع وكالسجود.. فإن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أساء بعض الناس الصلاة أمامه ولم يؤد لها حقها من الاطمئنان ، قال له : (ارجع فصل ، فإنك لم تصل) .. ثم علمه كيف تكون الصلاة المقبولة فقال له: (اركع حتى تطمئن راكعاً ، واعتدل حتى تطمئن قائماً ، واسجد حتى تطمئن ساجداً ، واجلس بين السجدتين حتى تطمئن جالساً وهكذا )(رواه الشيخان وأصحاب السنن من حديث أبي هريرة ) فالطمأنينة في جميع هذه الأركان شرط لا بد منه ، وحد الطمأنينة المشروطة قد اختلف فيه العلماء . فمنهم من جعل أدناه أن يكون مقدار تسبيحة كأن يقول : سبحان ربي الأعلى مثلا . وبعضهم - كالإمام شيخ الإسلام ابن تيمية اشترط أن يكون مقدار الطمأنينة في الركوع والسجود نحو ثلاث تسبيحات ، فقد جاء في السنة أن التسبيح ثلاث ، وذلك أدناه ، فلا بد أن تطمئن بمقدار ثلاث تسبيحات .. ويقول الله عز وجل : ( قد أفلح المؤمنون. الذين هم في صلاتهم خاشعون )المؤمنون : 1،2 .
والخشوع نوعان : خشوع بدن ، وخشوع قلب .
فخشوع البدن : أن يطمئن البدن ولا يعبث ولا يلتفت المرء تلفت الثعلب .. ولا ينقر الركعات والسجدات نقر الديكة وإنما يؤديها بأركانها وحدودها كما شرعها الله عز وجل ..
لابد إذن من خشوع البدن .. ولا بد من خشوع القلب …
وخشوع القلب معناه استحضار عظمة الله عز وجل ، وذلك بالتأمل في معاني الآيات التي تتلى ، وبتذكر الآخرة ، وبتذكر أن المصلي بين يدي الله عز وجل .. وأن الله تعالى يقول في الحديث القدسي ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال العبد : ( الحمد لله رب العالمين ) . قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن الرحيم ) . قال الله عز وجل : أثنى عليًّ عبدي. وإذا قال : ( مالك يوم الدين ) قال الله تعالى : مجدني عبدي . وإذا قال : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ، قال الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي ، وإذا قال : ( اهدنا الصراط المستقيم ) . قال الله تعالى : هذا لعبدي . و لعبدي ما سأل ) (رواه مسلم )
فالله سبحانه وتعالى ليس بمعزل عن المصلي ، ولكنه يجيبه فلا بد أن يتجاوب المسلم المصلي مع الله عز وجل ، وأن يستحضر قلبه في كل حركة من حركات الصلاة ، وفي كل وقت من أوقاتها ، وفي كل ركن من أركانها ، فالذين يصلون وكل همهم أن يفرغوا من الصلاة ، وأن يتخلصوا منها ، وأن يلقوها كأنها عبء فوق ظهورهم ، فإنها ليست هذه هي الصلاة المطلوبة وكثير من الناس يصلون في رمضان العشرين والثلاث والعشرين ركعة في دقائق معدودات ، كل همه أن يخطف الصلاة خطفاً ، وأن ينتهي منها في أسرع وقت ممكن … لا يتم ركوعها ولا سجودها ولا خشوعها .. فهذه كما ورد في الحديث : ( تعرج إلى السماء وهي سوداء مظلمة تقول لصاحبها : ضيعك الله كما ضيعتني). والصلاة الخاشعة المطمئنة تعرج إلى السماء بيضاء ناصعة تقول لصاحبها : حفظك الله كما حفظتني .
ونصيحتي لكثير من الأئمة والمصلين الذين يصلون هذا العدد بغير إتقان ولا خشوع ولا حضور قلب ولا سكون بدن ، أن يصلوا ثماني ركعات مطمئنة خاشعة متقنة خير من هذه العشرين ، فليست العبرة بالكمِّ والكثرة ، ولكن العبرة بالكيف والنوع … العبرة في الصلاة نفسها .. هل هي صلاة الخاشعين ؟ أم هي صلاة الخاطفين ؟
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المؤمنين الخاشعين .
إلى الفهرس
حبوب تأخير الحيض في رمضان
س: نحن نعلم أن صيام رمضان خير وبركة في جميع أيامه ، ولا نحب أن نحرم من بعض هذه الأيام صوماً ولا صلاة ، فهل يجوز لنا استعمال حبوب منع الحيض مع العلم بأن البعض قد جربه ولم يضر ؟
ج: أجمع المسلمون على أن المسلمة التي تأتيها العادة الشهرية في رمضان المبارك لا صيام عليها ، أي لا صيام عليها في الشهر وإنما يجب عليها القضاء ، وذلك تخفيف من الله ورحمة بالمرأة الحائض حيث يكون جسمها متعباً وأعصابها متوترة ، فأوجب عليها الإفطار إيجاباً وليس إباحة .. فإذا صامت لا يقبل منها الصيام ولا يجزئها ، ولا بد أن تقضي أياماً بدل هذه الأيام ، وهكذا كان يفعل النساء المسلمات منذ عهد أمهات المؤمنين والصحابيات رضي الله عنهن ومن تبعهن بإحسان - ولا حرج إذن على المرأة المسلمة إذا وافتها هذه العادة الشهرية أن تفطر في رمضان ، وأن تقضي بعد ذلك كما جاء عن عائشة : كنا نؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة (رواه البخاري ).
وأنا افضل شخصياً أن تسير الأمور على الطبيعة وعلى الفطرة . فما دام هذا الحيض أمراً طبيعياً فطرياً فليبق كما هو على الطبيعة التي جعلها الله عز وجل ، ولكن إذا كان هناك نوع من الحبوب والأدوية تتعاطاها بعض النساء ، لتأجيل الحيض كما هو معروف من حبوب منع الحمل ، وأرادت بعض النساء أن يتناولن هذه الحبوب لتأخير العادة عن موعدها حتى لا تفطر بعض أيام رمضان ، فهذا لا بأس به بشرط أن تتأكد من عدم إضراره بها . وذلك باستشارة أهل الذكر ، أهل الخبرة .. باستشارة طبيب حتى لا تتضرر من تناول هذه الحبوب . فإذا تأكد لها ذلك وتناولت هذه الحبوب وتأخرت العادة صامت ، فإن صيامها مقبول إن شاء الله .
س: لقد اضطررت للإفطار ستة أيام في السنة الماضية في شهر رمضان المبارك بسبب العادة الشهرية ، وعندما أردت قضاء هذه الأيام بدأت بصومها في العشرين من شعبان وبعد ما صمت يومين أتاني كثير من الناس وقالوا لي : إنه لا يجوز قضاء الصوم في شهر شعبان فما رأيكم في هذا ؟
ج: لا حرج ولا بأس بقضاء ما فات المسلمة أو المسلم من رمضان في أي شهر من الشهور حتى في شعبان نفسه ، بل قد ورد أن عائشة كانت أحياناً تتأخر بقضاء بعض الأيام إلى شعبان فتصومها قبل أن يأتي رمضان فلتطمئن المسلمة على الأيام التي صامتها ، وهي مقبولة ومجزئة عنها والله تعالى يتقبل من المتقين .
س: أنا بنت عمري 18 سنة وأول ما جاءني الحيض خرج مني شيء أبيض مثل الترشيح لا أعرفه ، هل يصح لي الصلاة والصيام ؟
ج: هذه الأشياء تعتبر إفرازات طبيعية بالنسبة للفتاة وبالنسبة للمرأة ، والذي يوجب الفطر ويحرم الصلاة وغيرها إنما هو الدم . دم الحيض المعروف بالحمرة القانية ، فإذا لم يكن هناك دم وإنما كان هناك بعض الإفرازات بالصفة التي تصفها السائلة فلا تخف الأخت السائلة منها . ولها - بل عليها - أن تصوم وأن تصلي وأن تؤدي عباداتها والله تعالى يتقبل منها .